مسرحية آداب الزيارة
( يظهر ثلاثة من الأولاد في مجلس , اثنان يلعبان والثالث يقرأ في كتاب , فيسمعون طرقٌ مزعج على الباب , وصراخ الزائر من الخارج مطالباً فتح الباب على عجالة) .
معتصم : افتحوا الباب .. هيا افتحوا الباب .. ما هذا البطء فيكم ؟ وكأنكم سلاحف .. هيا افتحوا الباب بسرعة وإلا كسرتهُ على رؤوسكم .
ليث : على رسلك أيها الطارق ... هلا أخبرتنا من أنت أولاً ؟
معتصم : أنا .. أنا أنا يا ليث ... كيف لم تعرفني ؟
عبدالملك : من الطارق يا ليث ؟
ليث : يقول إنه أنا ...
المقلد : يقول إنه هو ...
عبدالملك : هو !! من هو يا ليث ؟
ليث : هو هو ألم تعرفه ..
المقلد : صحيح ألم تعرفه ؟
عبدالملك : بلى عرفته .. فلابد من إنه هو .. هيا يا ليث افتح الباب لنرى من هو
(( ليث يفتح الباب , فيدخل معتصم غاضب ))
معتصم : ما هذا يا سلاحف ثلاث ساعاتٍ حتى تفتحوا الباب ؟
ليث : من معتصم ؟ أهذا أنت ؟
المقلد : صحيح إنه هو ... معتصم .
عبدالملك : أهلاً بك يا معتصم .. لا تغضب .. فلم نعرف من خلف الباب .
معتصم : كيف لم تعرفوا .. وقد قلت لكم إنهُ أنا ؟
ليث : كان ينبغي أن تقول اسمك يا معتصم .
المقلد : صحيح كان ينبغي أن تقول وا معتصماه
معتصم : ولكنكم تعرفون اسمي جيداً .. يا رفاق .
ليث : دعك من هذا الآن وقل لي .. ما هذه النظارة التي تضعها على وجهك يا معتصم ؟
المقلد : ما وجهك هذا الذي تضعهُ على النظارة يا معتصماه ؟
معتصم : أعجبتكم أليس كذلك ؟
ليث : أجل إنها في غاية الجمال .. من أين حصلت عليها ؟
المقلد : صحيح .. من أين حصلت عليها ؟
معتصم : هااه .. من .. من .. نعم نعم .. إنها .. إنها .. إنها جميلة أليست كذلك ؟
ليث : بلى فقد قلتُ لك إنها في غاية الجمال .. ولكن أجبني من أين حصلت عليها ؟
المقلد : صحيح .. من أين حصلت عليها ؟
معتصم : وما حاجتك لهذا السؤال يا ليث ؟
ليث : ربما سأشتري نظارة مثلها يا صديقي .
المقلد : صحيح .. ربما سيشتري صديق مثلك يا نظارته .
معتصم : ماذا ؟؟ تريدُ أن تشتري نظارة مثلها يا ليث ؟
ليث : بالطبع يا صديقي .. أريدُ ذلك .
المقلد : صحيح .. إنه يريدُ ذلك يا صديقه .
معتصم : ولكنها باهظةُ الثمن .. ولن تستطيع شراؤها .
ليث : لا تقلق .. فلدي ما يكفي من مالٍ لشرائِها .
المقلد : صحيح .. فلديه ما يكفي من شراءٍ لمالها .
معتصم : ولكن لا يوجد في المتجر نظارة مثلها , فقد كانت فريدة من نوعها .
ليث : يا لخسارة .. فقد أعجبتني كثيراً .
المقلد : صحيح .. يا للمرارة ...
معتصم : فكر في المكسب لا في الخسارة .. ترى الخسارة عاقبنها مرارة .
ليث : ولكنني خسرتها .
المقلد : صحيح .. ولكنهُ خسرها .
معتصم : أتودُ أن تبتاعها مني ؟
ليث : كلا يا صديقي .. ولكن صفي لي مكان المتجر الذي ابتعتها منه .
المقلد : صحيح .. صف له الذي ابتعتها منه .
معتصم : ولكن لا توجد فيهِ مثلها .
ليث : لا بأس .. فلعلي أجد فيه نظارة لا تقل جمالاً عن هذه .
المقلد : صحيح .. لعله يجد جمالاً مثل هذه النظارة .
معتصم : ولكن المتجر قد أغلِق إلى الأبد يا صديقي .
عبدالملك : معتصم .. ما حكاية هذهِ النظارة ؟ أجبنا بصراحة . فإني أجدتكَ تتهرب من أسئلة صديقنا ليث
معتصم : سأخبركم الحقيقة يا أصدقائي , ولكن أوعدوني بأن تحفظوا سري .. ولا تُخبروا به أحد .
الجميع : نعدك بذلك .
المقلد : يعدوك بذلك .
معتصم : لقد ذهبتُ لزيارة صديقي محمد هاني . . فوجدتُ الباب مفتوحاً .. فدخلت .. ولكني لم أجد أحدٌ في الداخل .
عبدالملك : ويحك يا معتصم .. كيف دخلت البيت بدون استئذان ؟!!
معتصم : لقد قلت لكم .. أن الباب كان مفتوحاً على مصراعيه .
ليث : وهل هذا عذر يسمح لك بدخول بيوت الناس بلا استئذان يا معتصم ؟
المقلد : صحيح .. كيف تدخل بيوت الناس بلا أسنان يا معتصم ؟
معتصم : لماذا تكلم نفسك يا ليث ؟ ارفع صوتك لأسمع ما تقول ؟
ليث : لا شئ لا شئ سوى إني أريدك أن تُكمل الحديث يا صديقي .
المقلد : صحيح .. هو يرغب في سماع الحديث يا صديقه .
معتصم : عندما دخلت البيت .. ناديتُ بأعلى صوتي محمد يا محمد .. ولكن لم يُجبني أحد .. فرأيتُ هذهِ النظارة على المنضدة , فلبستها , وأعجبتني كثيراً وهي على وجهي .
ليث : ماذا قلت ؟ سرقتَ النظارة يا معتصم ؟!!
المقلد : صحيح .. هل سرقت النظارة يا معتصم ؟
معتصم : كلا يا صديقي .. ولكني استعرتها فقط .
عبدالملك " مستغرباً " : استعرتها !! ومن من استعرتها يا ناصح ؟ هيّا تكلم .
معتصم : قُلتُ لكم مراراً .. لم يكُن في البيت أحد .. فكيف أستعيرها منهم ؟!!
ليث : إن لم يكن في البيت أحد .. فلا يحقُ لك أن تدخُلهُ أصلاً يا صديقي .
المقلد : صحيح .. لا يحق لك أن تدخلهُ أصلاً .
معتصم : ولكنني .....
عبدالملك " مُقاطعاً " : ولكنكَ مُخطئ يا صديقي .. فللبيوت حرمة يجب أن تُراعى .
المقلد : صحيح .. للبيوتِ حرمة ... حُرمه !! .. حرمة من ؟
ليث : ألا تذكر قول الله تعالى : [يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَىَ تَسْتَأنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىَ أهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ * فَإِنْ لم تَجِدُوْا فِيْهَا أحَدَاً فَلا تَدْخُلُوْهَا حَتَّىَ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإنْ قِيْلَ لَكُمْ ارْجِعُوْا فَارْجِعُوْا هُوَ أزْكَىَ لَكُمْ وَاللهَ بِمَا تَعْمَلُوْنَ عَلِيْمْ ] صدق الله العظيم
المقلد : صحيح .. مثل ما قال ليث بالضبط .
عبدالملك : وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على الالتزام بآداب الزيارة حين قال : " إذا أستأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع "
معتصم : ولكني .. لم أسمع بهذه الآداب من قبل .
ليث : وكيف ذاك يا صديقي .. وقد تعلمنا تلك الآداب في المدرسة ؟ .
المقلد : صحيح .. قد تعلمنا تلك المدرسة في الآداب يا صديقه .
معتصم : وهل أخذنا تلك الآداب في المدرسة فعلاً .
عبدالملك : أجل يا صديقي قد أخذناها .
معتصم : وهل لكم أن تُذكروني بها ؟
ليث : بِكلِّ سرور .. ولكن بشرط ..
المقلد : صحيح بكل شرد ولكن بسرور ...
معتصم : وما هو شرطُكَ يا ليث ؟
ليث : أن تصلح خطأك ..
المقلد : صحيح .. لابد لك من أن تُصلح خطأك .
معتصم : أعدكم بذلك .
ليث : عندما تهُم بزيارة شخصٍ ما .. وتصِل إلى بيته .. يجب عليكَ طرقِ البابِ ثلاثِ مرات .. ولا تزيد على ذلك .. فإذا دُعيت فادخُل .. وإلا فانصرف .
المقلد : صحيح .. وإلا فانصرف .
معتصم : وهل أطرق الباب تباعاً ؟
عبدالملك : بل انتظر قليلاً بين الطرقةِ والأخرى .. وإن سُئلت من أنت ؟ فقل أنا معتصم , ولا تقل أنا وتسكت .
معتصم : نعم نعم لقد فهمت .. وإذا دعيت ..؟
ليث : أدخل بهدوء .. وأقرئِ السلام على من في البيت ثم اقعُد في المكان الذي يختارهُ لك صاحب البيت .
المقلد : صحيح .. أقعد في صاحب البيت .
معتصم : ولماذا لا أقعد في المكان الذي أريدهُ أنا ؟
عبدالملك : لأنك قد تقعُد في مكان .. لا يرغب صاحب البيت أن يقعد عليه أحد .
معتصم : ولماذا ؟
ليث : لأنك قد تقعد في مكان يكشف البيت , أو على كرسي مكسور أو به عيب .
المقلد : صحيح .. ربما يكون العيب مكسور أو به كرسي .
معتصم : فهمتُ ذلك , وهل هناك آدابٌ أخرى ؟
عبدالملك : بالطبع .. عندما تجلس .. يجب أن تجلس بهدوء .. لا تقلب نظراتك أرجاء المنزل , ولا تعبث بممتلكاته .
معتصم : حسناً لن أعبث بأي شئ ... وماذا بعد ؟
ليث : لا تطيل في الزيارة حتى لا يملك الآخرون .. " يا بخت من زار وخفف "
المقلد : صحيح .. يا بخت من طار وجفف .
عبدالملك : وعلى رأي المثل القائل : " لا تكثر الدوس عالخلان بيملوك ولو كنت خاتم من ذهب عن الأرض ما شلوك "
معتصم : يا إلهي كل هذهِ من آدابِ الزيارةِ وأنا غافلٌ عنها .
ليث : المهم أنكَ تعرفت عليها الآن .
المقلد : صحيح .. المهم أنك تعرفت عليها ...
معتصم : الحمدلله .. بفضلكم كان لي ذلك .. ولكن ماذا عليّ أن أفعل بهذهِ النظارة الآن ؟
عبدالملك : عليك أن تُعيدها إلى صاحبها طبعاً .
معتصم : ولكني لا أستطيع أن أواجه محمداً .. بل إني لا أستطيع النظر في وجههِ بعد الآن , فقد اقترفتُ ذنباً عظيماً في حقهِ وحق نفسي .
ليث : محمد صاحبك .. ولابد أن يغفر لك هذهِ الزلة .
المقلد : لابد أن يغفر لك هذه .. هذهِ .. التي قالها ليث .
معتصم : صعبٌ عليَّ ذلك ...
عبدالملك : لقد أخطأت يا معتصم .. ويجب عليك أن تواجه خطأكَ , ويجب عليكَ إصلاحه .
معتصم : هل لكم أن تسدوا لي هذه الخدمة فقط ...
ليث : أيُّ خدمة ؟
المقلد : صحيح .. أي خادمة ؟
معتصم : هلا ذهبتم بالنيابة عني لإرجاع النظارة إلى محمد , فإني في غاية الخجلِ منه .
ليث : لا .. فيجب عليك أن تذهب لتقدم الاعتذار لمحمد بنفسك .
المقلد : صحيح .. يجب عليك أن تقدم محمد للاعتذار بنفسك .
معتصم : حسماً .. حسناً أمري لله .
عبدالملك : هيّا بنا لا تضيعوا الوقت .
(( يهم الجميع بالخروج في الحين الذي يسمعون فيه قرع على الباب )
معتصم : أتسمعون ؟؟ .. قرعٌ على الباب .
ليث : أجل .. قد سمعنا ..
المقلد : صحيح .. لقد سمع ليث قرعٌ على البطيخ .
عبدالملك : هل تنتظر ضيوف يا ليث ؟
ليث : لا .. لا انتظر أحد .
المقلد : صحيح .. ليث لا ينتظر أحد ..
(( يتكرر القرع ثانيةً ))
معتصم : لقد قُرِعَ الباب ثانيةً .
عبدالملك : هيّا لتفتح الباب يا ليث .
ليث : حسناً .. حسناً سأذهب .
(( يتكرر القرع للمرة الثالثة ))
معتصم : لقد قُرِعَ البابُ ثالثةٍ .
عبدالملك : انهُ مُلتزم بآدابِ الزيارةِ على ما يبدو .
ليث : من الطارق ؟
محمد : أنا صديقكَ محمد هاني يا ليث .
معتصم : يا إلهي انه محمد قد جاء بنفسه .. لابد أنه جاء باحثاً عني .. لقد اكتشف الأمر .
عبدالملك : لا تخف يا معتصم .. فهو لا يعرف بعد أن النظارة معك .
معتصم : لا أريدهُ أن يراني .. سأختفي في الغرفةِ المجاورة .. أتسمح لي يا ليث ؟
ليث : لا بأس على أن تخرج لتعتذر منهُ في الوقتِ المناسب .
المقلد : صحيح .. يجب أن تخرج لتعتذر من الوقت المناسب .
(( يدخل معتصم فيفتح ليث الباب فيدخل محمد مسلماً ))
نشيد آداب الزيارة
آدابُ الإســــلامِ تُهــذبنــا *** وتُجمل رُوحَ الإنســان
وتسوقُ الطهرَ لـنا فيـضـاً *** كي تغسل عني أحزاني
كي تغسل عني أحزاني
ومِــنَ الآدابِ زيــــاراتٍ *** أهلي أصحابي وخواني
أولـــها أن أطْــــرُقَ بابـاً *** بثـــلاثٍ لا تتعــــــداني
بثـــلاثٍ لا تتعــــــداني
وأُصـافِح مِنْ بعــدِ سـلامٍ *** جمــعٌ للخيــرِ دعـــاني
وجلوســي حيثُ يـأمُرُني *** أصــحابُ الـدارِ لمكاني
أصــحابُ الـدارِ لمكاني
لا أزْعِجْهُم إن دار حديث *** صوتـــي نفْـحُ الوجداني
نظري لا يبْعُد عن عيني *** فاللهُ مـــن فــــوق يراني
فاللهُ مـــن فــــوق يراني
وأُسامِرهُم بِحديثِ الخيرِ *** لا شَططا أو شَــرّ لساني
أستغــفر ربـــي بدعـــاءٍ *** كي أبعِــد عـني شيطاني
كي أبعِــد عـني شيطاني
لا أمْكث زمــناً يُزْعِجُهم *** لا أبــرح دونَ استئـــذان
آدابُ الإسلامِ تُهـــــذبنا *** بِـنصٍّ مــن وحْيِّ القـرانِ
بِـنصٍّ مــن وحْيِّ القـرانِ