لجان التعليم والاصلاحات الجديد

لجان التعليم والاصلاحات الجديد
اقول : سأزور موضوع التعليم أكثر من مرة، معتذرا سلفا عما قد يسببه تكرار الحديث عنه من ملل، لكنها ضرورة. فالتعليم بجوانبه المختلفة يستحق نقاشا وطرقا مستمرا. الحقيقة ان التخلف سبب رئيسي في التدهور او العجز عن حل جل مشكال التعليم كما ان لا يخفى على أي احد المستوى البائس للمدرسة الصحراوية، في الحقيقة وصف المستوى بالبائس ليس مبالغة بل قد يكون حتى تجميلًا لصورة الواقع! ولا يختلف إثنان على أن الدولة الصحراوية لن تجد في المستقبل رجالًا و نساءً مؤهلين لقيادة البلاد في ظل ما تعانيه المؤسسات التربوية اليوم . و إن قمنا باستثناء أولئك الذين يثقفون أنفسهم بأنفسهم، و يطورون مؤهلاتهم و يسعون لتعليم أنفسهم و التوسع في شتى العلوم بمفردهم…
كون معظمهم سيهاجر لبلدان غربية ستجد الدولة نفسها في دوامة قد يكون من المستحيل الخروج منها. إن المشاكل التربوية و التعليمية ليست مشاكل بسيطة، بل هي نتيجة لأزمات معقدة و متتالية و اخفاقات عديدة، و التلميذ لا يعدو أن يكون مجرد ضحية لكل هذا، لكن كونه ضحية يجعل كل المجتمع مسؤولًا، يجعل كل أفراد الأمة الصحراوي ملزمين بإيجاد الحلول، و الحلول لابد و أن تكون حلولًا نهائية فالترقيع اليوم لا يصلح، و التنديد لم يعد نافعًا بل وجب على الناس أن يتحركوا لعل و عسى ينقذون ما تبقى من المنظومة التعليمية الصحراوية
سياسات تعليميّة فاشلة..
إذا قدّمنا قراءات مختلفة في التعليم الصحراوي فإنّنا نلاحظ بأنّ السياسة التعليميّة تفتقد إلى الرّؤية الواضحة المتكاملة للعملية التعليمية، حيث تبرز مشاكل و الحقيقة ان الحلول التعليمية ليست سهلة، ولا سريعة، ولا رخيصة أيضا. كما يظنون بعض من المدراء المركزيون الذين يرون ان ارجاع يوم السبت سوف يعطي مساحة كبيرة للتدريس. لكن السبب الذي تم اعطاه '' دخول شهر رمضان '' لم يكن سبب مقنع ولا سبب تقدمه وزارة بحجم وزارة التعليم و التربية . او نزع التاريخ و الجغرافيا من السنة الثالث ابتدائي وهم الاهم بنسبة الطفل الصحراوي الذي يدرس تاريخ وامجاد وطنه المحتل الذي لا يعرف عنها سوى انه ولد في اللجوء وبحدود ولاية تندوف الجزائرية . إنّ الطابع الرّاديكالي لاستراتيجيات الإصلاح حكم على كلّ التجارب بالفشل، حيث أخفقت كلّ السياسات الإصلاحية بسبب عدم منح الفرصة لكلّ الفاعلين في عمليّة الإصلاح لاسيما المجتمع المحلّي(الآباء، مدراء المؤسسات التعليمية المفتشين التربويين، المعلّمون)، وإنّ الالتزام القويّ لهؤلاء بعمليّة الإصلاح قد يقود إلى النّجاح لكنّ العكس هو الذي حدث في الدولة الصحراوية حيث غيّبت وصاية هؤلاء الفاعلين الحقيقيين و حاولت فرض سياستها بالقوّة من القمّة إلى القاعدة وهذا بحد ذاته مشكل .

عدم إشراك القاعدة التعليمية في إصلاح المنظومة التربوية أكبر خطأ..
إنّ عدم إشراك القاعدة التعليمية في إصلاح المنظومة التربويّة يعتبر أكبر خطأ تقوم به السّلطات الوصيّة في وزارة التعليم الصحراوي. إنّ أيّ سياسة حكيمة تتطلّب إشراك كلّ الفاعلين في العملية التربوية و فتح قنوات الحوار و الاتصال معهم، وهذا بهدف توسيع نطاق الالتحاق بالتعليم في حدود الفرص المتاحة، تحسين التعليم، تفعيل دور وسائل الإعلام في توعيّة المواطنين بأهميّة التعليم في إحداث التغيير . إنّ إشراك المعلّمين في عمليّة الإصلاح باعتبارهم المحرّك الأوّل للدّفع بالعملية التربوية يساعد كثيرا في إنجاح استراتيجيات الإصلاح، وهنا علينا أن نشير بأنّ هذا ما لم يحدث في الموسم الدراسي الحالي الذي شكلته لها اللجان التي تسمى لجان اصلاح المنظومة التربوية وفي الحقيقة هي اللجان " تخريب المنظومة '' التي كانت محور نقاش ومداخلة اطرات المنظومة التربوية في الندوة السنوي بولاية السمارة . ام عن المعلمين فلم نتحدث
قياس نوعيّة التعليم يجيب على كلّ الأسئلة..
إنّ عمليّة تقييم نوعيّة التعليم المتاح في الدولة الصحراوية تعتريها صعوبات كبيرة جدّا، فالمعلومات المتوفّرة شحيحة للغاية و قلّة البيانات و المعلومات المتاحة هي العملة المتداولة لدى الوصاية. لكن مع كلّ هذا تبيّن الدّراسات القليلة التي أجريت لا سيما من منتديات الساقية الحمراء التعليمية بأنّ ضعف التحصيل الدراسي لدى كلّ أطوار التعليم الصحراوي وهو السبب والمشكل الحقيقي ، وهذا لا يجعله متّهما بالقصور بقدر ما يصفه كضحيّة لفشل السياسات التعليمية المنتهجة. إنّ الافتخار بتوافر الموارد التعليمية و بالإنجازات الكمية في نشر التعليم لا يحلّ المشكلة العميقة للتّعليم بقدر ما يصيب الرّاغبين في تحسين الأوضاع و الفاعلين الحقيقيين بالإحباط.
المصارحة و المصالحة هما الحل..
إنّ الاعتراف بالخطأ فضيلة، و التّخلّص من النّرجسية القاتلة باعتماد المصارحة و المصالحة يقود إلى إيجاد أولى الحلول على طريق وضع سياسة تعليميّة ناجعة ذات رؤية واضحة بما يضمن حق الأجيال في تعليم ذي نوعية جيّدة. إنّ الوضع الرّاهن للتعليم الصحراوي على الرّغم من سواده إلاّ أنّ بعض الأمل لا يزال قائما في تجاوز المرحلة باستدراك الوضع و اختيار سلطة عامّة تتميّز بالكفاءة و يقع على عاتقها تنظيم وتحديد الخيارات لسياسة تعليمية عامّة ترسم الاتجاهات، تستشرف المستقبل، و تكون في مستوى التّطلعات و الرّهانات المستقبليّة، و ذلك بإشراك جميع الكفاءات و القدرات و المواهب دون إقصاء أو تهميش، ودون ذلك سيبقى مستقبل الأمة الصحراوي في خطر.

بقلم غالي احمد لعبيد