منتديات الساقية الحمراء التعليمية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم الى منتديات الساقية الحمراء التعليمية
منتديات الساقية الحمراء التعليمية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم الى منتديات الساقية الحمراء التعليمية
منتديات الساقية الحمراء التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الساقية الحمراء التعليمية

مفتاح المتعلم ودليل المعلم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سجارة جلاد ...!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




سجارة جلاد ...! Empty
مُساهمةموضوع: سجارة جلاد ...!   سجارة جلاد ...! I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 16, 2016 12:31 pm

سجارة جلاد ...!


"بيجمعة" يتلذذ في تناول سجارته المبللة بلعاب فمه الكريه , أسنانه أغلبها من النقرة وربما تكون واحدة ذهبا , وأخريات من القصدير , المعادن كلها آلتقت في فم الجلاد , لباسه العسكري الأخضر تمناه السجين ليس حبا في الخدمة العسكرية بل على الأقل ليقي نفسه من البرد . رياح قوية , مختلطة بتربة تلتصق بجدار المعقل السري لبيسيسمي على حافة واد الساقية الحمراء يوم الخميس من سنة 1989 . كان هذا المعقل الرهيب في فترة الإستعمار الإسباني عبارة عن ثكنة عسكرية, وكان جانب منه عبارة عن مكان مخصص لعيش الخنازير وجانب آخر لذبح وسلخ هذا الحيوان الذي لا يحبه الدين ولكن الجندي و المواطن الأوروبي ذو البشرة الصفراء و الشعر الذهبي كإحدى أسنان "بيجمعة " يعشقان لحمه رغم أنه يسبب روائح كريهة في الجسم, كرائحة الجلاد حينما يتعرق من إبطيه و مكان آخر, دون أن يستطيع إنتزاع إعتراف من الرفيق الشهيد محمد الخليل عياش الذي سقط دون التفوه بكلمة "عاش الملك " التي طلب منه الجلاد ترديدها فكان الرفض مزلزلا من داخل أسوار لبيسيسيمي الرهيب . الإحتلال المغربي حول مكان الخنازير بعد رحيل المستعمر الإسباني لمكان إحتجاز سري فقد فيه الصحراويون شباب انخرطوا في العمل النضالي ضد سياسة نقطة الزيت التوسعية التي انتهجها المغرب بعدما حاول تصريف أزمته الداخلية . "بيجمعة" الجلاد مستمر في تناول سيجارته من نوع كازا التي اعتبرها "محمدي محمد عبد الله " المعتقل بالمعقل السري بمثابة هدف حياته الأبدي فهو لم يتناول السجائر منذ أيام , كيف لا وقد قال في لحظة "قطعة " لرفيقه "سيداتي السلامي " أنه ولو حمل على النعش شهيدا فستجده يدخن , فالسجناء منذ أشهر وهم معصبي العينين وحينما يتركون لهم هامشا من الوقت للصلاة يعيدونهم ليبقوا طوال اليوم ينظرون للحائط . حاول "محمدي " استعطاف صاحب الأسنان المتساقطة والزي العسكري الأخضر ليقدم له ولو مخلفات سيجارته المبللة فيرد عليه هذا الأخير بالضرب على الوجه بحذاء الخدمة العسكرية فيحاول معه مرات أخرى في مشهد تلذذ "بيجمعة " المغربي بساديته المعهودة , فكان يضرب "محمدي " على الوجه كلما حاول استعطافه وتارة يبتسم الجلاد اللعين لتظهر أسنانه القصديرية .

في زاوية من إحدى الزنازن التي تبلغ مساحتها متر عرضا وحوالي مترين طولا يجلس "إبراهيم " الذي نال التعذيب من جسمه الأسمر , ولكنه لم يجعله هذا الوضع يترك رفاقه وينصح بعضهم على الأقل ليقلل من الخسائر في سجن موحش , فقال "إبراهيم " حينما شاهد ردة فعل الجلاد بعد استعطاف "محمدي " من أجل سجارة كازا المبللة :

ـــ إذا كنت تخزن شيئا من العزم فأنت الان في حاجة إليه لتتوقف عن التدخين

لم يأبه "محمدي "كثيرا لكلام "إبراهيم " لسخونة رأسه الذي لم يجد دخان يخفف من ألم الواقع وصعوبة العيش في معقل كان بالأمس مكانا للخنازير . فيحاول أن يخلق عذر المرحاض لكي يذهب بيه السجانون لغرفة قضاء الحاجة المشتركة مع الجنود لعله يجد بقايا السجائر لكي يدخنها ،فتارة يجد شيئا وتارة أخرى يفشل وأحيانا أخرى يجد سجائر مبللة كالتي كانت في فم "بيجمعة " القصديري فيحاول تدخينها. عاد "محمدي " إلى مكانه ، قابل عينيه ووجهه الصغير للحائط كما هو قانون السجان المفروض , وإسترجع كلام "إبراهيم " الذي رجعت أحرفه لتلامس عقل "محمدي " ،تأمل حاله و وضعه , الذي يجب أن يعكس صمودا أسطوريا كباقي الرفاق الذين قضوا في التعذيب دون التفوه بكلمة , فقطع العزم بدم الشهيد أنه لن تدخل سجارة واحدة بعد اليوم فمه , خصوصا إذا كان مصدرها "بيجمعة "السجان , فوزن بيت شعري حساني في لحظة ألم :

مُحَمْدِي رانَكْ مَانَكْ شِ ..... وبْلا عزم ولا تَعْرَفْ شِ
ؤُ فْذَ لَتْرَاوَغْ مَالَكْ شِ .... إَِيْلَعَتْ لْدِينَكْ مَاهْ مْتِينْ
وللاَّ نَاسِ كَوْلْ يَا غَرْشِ .... أللَّا رَاغو كَلْبْ امْسَيْكِينْ.

وجوه أليفة , أحيانا تظهر عليها علامات البؤس , لباسهم قليل و أدخن , يعيشون في جو صارم , وجدوا أنفسهم فيه بعد اختطاف الفجر الذي أتقنه " بيجمعة" صاحب الفم القصديري و أعوانه و من ينفذ أوامر السلطات , إذا سألت المعتقل لماذا أنتم في ذاك المعقل , سيجيبونك جوابا موحدا , تسئلون وكأنكم لا تعرفون ؟ نحن هنا لأننا خلقنا لندافع عنكم وعن أجيالنا , عن الماضي و الحاضر و المستقبل , نحن هنا من أجلكم ندافع وسنبقى ندافع ولو خلق لنا عمر جديد ..! . هو واقع وجد "محمدي "و رفاقه أنفسهم فيه , واقع ٱنحدر في عظامهم وعروقهم رغما عنهم , فكلفوا أنفسهم بالعمل على معانقة حرية مسلوبة ولازالت , يعرفون أنهم إما بين الشهيد أو المعاق أو مجهول المصير في سنوات تسمع زخات الرصاص بين الساعة و الساعتين , من يجرؤ على الحلم بالحرية , من يجرؤ حتى على لمس المذياع ليسمع "الشَّرْگِيينْ" , فكانوا هم الإستثناء الذي تحرك لخدمة قضية خلف الحزام , وراء خطوط العدو .

هل نكتب عن الحاضر ونترك الماضي ؟ هل نكتب عن المستقبل ونترك الماضي ؟ هل نكتب عن الماضي الذي نسته الأقلام ؟ , حامل القلم إذا سمع معاناة معتقلي الماضي سينسى الحاضر وتقلباته والمستقبل وضبابيته وينكب بدموعه التي تمزق الورق أمامه ليخط ما استطاع عن معاناة معتقلي الماضي إن كان فيه ذرة إحساس وانتماء لوطن ينادي به الجميع في العلن ولكن الفعل شيء اخر , الماضي الأليم ,, هم لايريدون منا تبجيلا ولا شكرا يريدون أن يعانق قلمنا معاناتهم التي لم يعوضها شيء حتى الان ولن يعوضها سوى قلمك أيها الكاتب الذي سينقذهم من شبح النسيان , ولكن قلمك للأسف منكب على الحاضر و المستقبل لتبرز من خلاله دهائك السياسي الذي همش رجال ومعتقلي الماضي , فهم الذين لم يقولوا "عاش الملك" تحت سياط الجلاد وأنت الذي تريد إبراز نفسك بقلمك متأكد أنك عند الصفعة الأولى ستقولها في جبن

بقلم : مبــارك الفهيمي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سجارة جلاد ...!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الساقية الحمراء التعليمية :: التعريف بالصحراء الغربية-
انتقل الى: