نشأة الإشراف التربوي وتطوره
إعداد وتقديم:
صالح بن راشد الغفيلي
عبدالمحسن بن عبدالرحمن الحربي
خلف بن فلاح المطيري
عبدالسلام بن ابراهيم الثويني
دورة المشرفين التربويين – كلية التربية - جامعةالملك سعود
الفصل الدراسي الثاني 1422 -1423 هــ
مفهوم الإشراف التربوي
" الإشراف هو عملية فنية شورية قياديةإنسانية شاملة غايتها تقويم وتطوير العملية التعليمية و التربوية بكافة محاورها "
فهو عملية فنية : تهدف إلى تحسين التعليم والتعلم من خلال رعاية و توجيه و تنشيط النمو المستمر لكل من الطالب و المعلم والمشرف ، و أي شخص آخر له أثر في تحسين العملية التعليمية فنياً كان أم إدارياً.
وهو عملية شورية : تقوم على احترام رأي كل من المعلمين والطلاب وغيرهم منالمتأثرين بعمل الإشراف والمؤثرين فيه ، وتسعى هذه العملية إلى تهيئة فرص متكاملةلنمو كل فئة من هذه الفئات وتشجيعها على الابتكار والإبداع.
وهو عملية قيادية :تتمثل في المقدرة على التأثير في المعلمين والطلاب وغيرهم ممن لهم علاقة بالعمليةالتعليمية ؛ لتنسيق جهودهم من أجل تحسين تلك العملية و تحقيق أهدافها.
وهو عمليةإنسانية : تهدف قبل كل شيء إلى الاعتراف بقيمة الفرد بصفته إنساناً ، لكي يتمكنالمشرف من بناء صرح الثقة المتبادلة بينه وبين المعلم ، وليتمكن من معرفة الطاقاتالموجودة لدى كل فرد يتعامل معه في ضوء ذلك.
وهو عملية شاملة : تعنى بجميعالعوامل المؤثرة قي تحسين العملية التعليمية وتطويرها ضمن الإطار العام لأهدافالتربية والتعليم في المملكة العربية السعودية.
الإشراف والإدارة
كانت بداية الإشراف التربوي في أمريكا عام 1954م حيث كان مجلس المدينة المشتمل على أولياء أمور الطلاب يهتم باختيار المعلمين ذوي السمعة الطيبة وعزل الآخرين الذين لا يتمتعون بأخلاق سليمة.
وبعد تطور التعليم وإنشاء المدارس تم تعيين مدير للمدرسة ومدير للتربية والتعليم ، فكان مدير المدرسة يهتم بإدارة مدرسته والمحافظة على النظام فيها ومدير التربية والتعليم يهتم بالأشراف على المعلمين والمديرين . وفي نهاية القرن التاسع عشر صار مدير المدرسة يهتم بالإدارة ولإشراف معا ثم لحق ذلك تعيين مدير للمدرسة ومشرف تربوي وبذا أصبحت وظيفة الإشراف منفصلة عن الإدارة.
وقد مر مفهوم الإشراف التربوي بتطورات كثيرة ومتنوعة حيث حددت وظيفة الإشراف بالمراقبة الدورية على المدارس وأجهزتها ومعلميها ومدى تقدم التلاميذ من النواحي العلمية ثم الحكم وما يتبع ذلك من اتخاذ قرار إما بالثواب أو العقاب للعاملين في المدرسة إلى أن اخذ الإشراف بالمفهوم الشامل للإشراف والذي يسعى لتحليل جميع العناصر المؤثرة في عمليتي التعليم والتعلم.
مراحل تطور الإشراف في المملكة العربية السعودية
المرحلة الأولى :التفتيش :
في عام 1377 / 1387 هـ أنشأت وزارة المعارف نظاما أطلقت عليه اسم التفتيش وأتبعت ذلك بتعيين عدد من المفتشين في كل منطقة بما يتناسب وحجم المنطقة وكانت مهمة المفتش هي الإشراف الفني على المدارس وذلك بواقع ثلاث زيارات للمدرسة في العام الدراسي (توجيهيه ، وقوف ، أثر المعلم على التحصيل )
ومع تطور المفهوم أنشأت الوزارة عام 1378/1379هـ قسما خاصاً بالتفتيش العام وأسندت الإشراف عليه إلى إدارات التعليم الابتدائي وكان الهدف من إنشاء هذا القسم هو تقويم عملية التفتيش ميدانياً ومدى تحقيق الوزارة لأهدافها ومدى تنفيذ التعليمات الصادرة من الوزارة والوقوف على احتياجات المنطقة من النواحي الفنية والإدارية ثم كتابة التقرير .
ويتضح من ذلك أن المرحلة الأولى عنيت بالجوانب التوجيهية والتقويمية للتفتيش وعنيت كذلك بالتقويم من خلال أثر المعلم في طلابه .
المرحلة الثانية : التفتيش الفني :
بحلول عام 1384هـ تطورت عملية الإشراف حيث أنشأت الوزارة أربعة اقسام متخصصة للمواد الدراسية وأطلقت عليها عمادة التفتيش الفني ويلاحظ هنا إضافة كلمة فني ويقصد من الإضافة التركيز على الصفة العلمية في عملية التفتيش وكانت الأقسام المستحدثة هي :
1. قسم اللغة العربية
2. قسم اللغات الأجنبية
3. قسم المواد الاجتماعية
4. قسم الرياضيات والعلوم
وأضيف للمفتش مهام دراسة المناهج ومراجعة المقررات وحصر الزيادات والعجز في المعلمين والكتب والأدوات والاحتياج في المعامل وغيرها .
ومواصلة لتطوير مفهوم التفتيش وتطبيقاته تم في 25/9/1387هـ عقد اجتماع لدراسة وضع التفتيش الفني فى الوزارة وقد أسفر عن :
1. ربط التفتيش بإدارات متخصصة (ثانوي ، متوسط ، معاهد معلمين ...)
2. تكوين هيئة فنية في إدارة من الإدارات
3. إصدار تعليمات لمفتشي المواد في المناطق التعليمية
4. وفيما سبق يلحظ بعض التطوير (التعديل) لنظام التفتيش من الناحيتين الإدارية والتنظيمية .
ومما سبق يلحظ :
أن مرحلة التفتيش من أقدم أنواع الإشراف فقد كان المفتشون يمارسون أعمالهم بالتفتيش على المعلمين من خلال الزيارات المفاجئة إلى الصفوف لمعرفة مدى تقيدهم بالتعليمات ولأوامر التي تصدر إليهم ومعرفة عيوبهم وأخطائهم من أجل محاسبتهم عليها . وكان للمفتش سلطة قوية تمكنه من نقل المعلمين وترقيتهم من عدمه وكتابة التقارير بعزلهم ، والهدف الأساسي للتفتيش كان مراقبة المدارس والمعلمين للتأكد من قيامهم بالتدريس الجيد ، وكان المفتش غالبا ما يمارس عمله بكل تعال وجفوة وتسلط فكان مجيئه للمعلم عملية مزعجة واصبح المعلمون يتزلفون إليه ليس حبا فيه بل خوفا من عقابه.
النتائج السلبية للتفتيش:
1. اهتمام المعلمين بإخفاء عيوبهم وأخطائهم خوفا من محاسبة المفتش
2. تعطل إبداع المعلمين حيث اهتموا بإتباع التعليمات وعدم الخروج عليها
3. وجود علاقات متوترة وسيئة بين المفتشين والمعلمين
4. تنمي الخوف وعدم الثقة لدى المعلم
المرحلة الثالثة : التوجيه التربوي
هو مرحلة متطورة من التفتيش يهتم بتوجيه التعليم مباشرة دون بحث أو تقصي، ويفترض وقوع أخطاء في الميدان ليكون دوره الإصلاح والتوجيه وتقديم المساعدة والنصح للمعلم بدلا من التفتيش عليه والتعامل معه معاملة قائمة على الاحترام المتبادل وتبادل الرأي ، كما سعى إلى مساعدة المعلم على النمو المهني وتقديم العون له من أجل تحسين أساليبه ورفع مستوى أدائه . ومارس الموجهون أعمالهم من خلال الزيارات وعقد الدورات التدريبية للمعلمين كما ركزوا على تقديم المساعدة للمعلم دون الاهتمام بالعوامل المؤثرة الأخرى مثل البناء المدرسي والبيئة المحلية وغيرها ، واقتصر تخطيط المشرف لعمله على تنظيم الزيارات وتصنيف المعلمين إلى فئات حسب مستويات أدائهم بحيث تم التركيز في الزيارات على ضعيفي المستوى.
وحرصاً من الوزارة على التطوير وإدراكا أن كلمة مفتش تعني (المباغتة والبحث عن الأخطاء ) صدرت تعليمات الوزارة في عام 1387هـ والتي نصت على :
1. تسمية المفتش الفني بالموجه التربوي .
2. تقوية العلاقة بين الموجه والمعلم
3. تقديم المشورة الإدارية والفنية لإدارات المدارس التي يزورها
4. دراسة المناهج والكتب الدراسية والإسهام في أعمال الامتحانات .
وقـفـة
في عام 1394هـ لوحظ مايلي :
1. التوجيه تحول إلى عملية روتينية .
2. زيارات الموجهين لازالت تتسم بشيء من طابع التفتيش .
3. عدم كفاية الوقت الذي يقضيه الموجه في المدارس للكشف عن النواحي التي يحتاج فيها المعلم إلى خبرة الموجه.
4. انشغال الهيئات الفنية بدراسة التقارير والرد عليها.
وإدراكا من الوزارة للحاجة للتطوير دعت إلى إجراء يرتكز على ثلاثة أسس هي :
1. الاتجاه إلى اللامركزية
2. تشجيع التوجيه الذاتي
3. إعطاء المدارس مزيداً من المشاركة في التوجيه .
وهذا التعديل منح المدارس دوراً واضح للمشاركة في عملية التوجيه ، وتم تعديل التوجيه الفني تبعاً لذلك مع بداية 1394هـ على النحو التالي :
1. ايقاف جولات الموجهين التربويين في الوزارة
2. ايقاف جولات الموجهين التربويين في المناطق التعليمية .
3. اصبحت زيارة الموجه للمدارس تتم بناء على دعوة منها .
4. قيام مدير المدرسة بتوجيه المعلم وتقويم العاملين .
5. اقامة حلقات دراسية في مختلف المواد الدراسية تعويضاً عن الجولات التوجيهية يشترك فيها المعلمون مع افراد الهيئة الفنية في المنطقة أو الوزارة .
ولم يكن المقصود هو عزل المدرسة عن الموجه بل تحويل الزيارات الروتينية إلى خبرة تربوية متبادلة وتشجيع فرص الابتكار ومعالجة المشكلات وتوفير الوقت للإطلاع والبحث والدراسة ، وزيارة الموجه بناء على طلب المدارس يبعد عنصر التفتيش المباغت على المدرسة .
وبحلول عام 1398هـ صدر تعميم يؤكد على استمرار زيارات الموجهين في الوزارة وفي المناطق التعليمية للإطمئنان على حسن الأداء والسلوك والمواظبة واستقرار المدارس واكتمال عدد المعلمين ومدى تطبيق الأنظمة والتعليمات واللوائح وأكدت على وضع خطط الزيارات التوجيهية .
المرحلة الرابعة :1399/1400هـ :
انشاء إدارة عامة للتوجية التربوي والتدريب :
في سبيل حرص الوزارة على التطوير أصدرت قراراً ينظم التوجيه التربوي واتخذت بموجبه إجراءات منها :
1. تقسيم المناطق التعليمية إلى أربع مناطق لتسهيل عملية التوجيه فيها .
2. حددت الصفات والخصائص الشخصية الواجب توفرها في المشرف التربوي .
3. حددت الأسس التي بموجبها يتم اختيار الموجه .
وإدراكا من الوزارة لأهمية عملية التنظيم أصدر وزير المعارف قراراً (1674/48في 1401هـ) يقضي بما يلي:
1. انشاء الإدارة العامة للتوجيه التربوي والتدريب) .
2. نقل الموجهين الذين على رأس العمل إلى الإدارة الجديدة .
3. نقل اختصاصات وصلاحيات إدارات التدريب التربوي إلى الإدارة الجديدة .
المرحلة الخامسة : الإشراف التربوي
وفي 22/9/1416هـ صدر القرار رقم (4/3/34/1494) القاضي بتغيير المسمى إلى الإدارة العامة للإشراف التربوي والتدريب ) ويتبعها أثناء عشرة شعبة بدلا من أربع شعب تطورت حتى أصبحت ستة عشر شعبة .
تميزت هذه المرحلة بالاهتمام بالمفهوم الشامل للإشراف الذي يسعى إلى تحليل جميع العوامل المؤثرة على عملية التعليم كما تميزت باهتمام المشرف بالتخطيط للإشرافالتربوي وتحديد التغيرات التي يسعى إلى إحداثها . ولا يركز الإشراف التربوي على مجال واحد أو مجالات محددة من العملية التربوية بل هو عملية يتم فيها التقويم والتطوير المستمر للعملية التعليمية ومتابعة تنفيذ كل ما يتعلق بها لتحقيق الأهداف التربوية والإشراف على جميع العمليات التي تتم في المدرسة سواء كانت إدارية أم تدريسيه ، بمعنى آخر أن الإشراف يهدف إلى تحسين العملية التعليمية ولاهتمام بنمو التلاميذ وبالتالي تحسين مستوى المجتمع.
ويتصف الإشراف التربوي بأنه ليس استبدادي أو تفتيشي أو تسلطي وإنما ديمقراطي تعاوني تشاركي يشجع على الإبداع والمبادرة وحث المعلمين على النمو وبذل الجهد لتحسين أنفسهم كم يركز على تحسين عمليتي التعليم والتعلم من خلال المعلم والمنهج والتلميذ.
كما تعددت الأساليب المستخدمة في الإشراف فلم تعد الزيارة هي الأسلوب الوحيد بل صارت أسلوبا من مجوعة أساليب كالندوات والمعارض والنشرات وتبادل الزيارات والدورات وإجراء البحوث وغيرها.
وباختصار يتركز عمل الإشراف التربوي في :
رسم الخطط للزيارات وتزويد المدارس بما تحتاج إليه من إشراف تربوي مع العمل على متابعة سير العملية التربوية وحل ما يعترضها من مشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لها .
مقارنة بين تطور الإشراف التربوي في الأردن والمملكة العربية السعودية كدولتين متجاورتين :
الأردن
السعودية
التفتيش
1921- 1962 م
1377-1387هـ
التوجيه التربوي
1962-1975 م
1387 –1416هـ
الإشراف التربوي
1975 م
1416هـ