نصائح الدخول المدرسي

الحمد لله يداول الأيام ، ويصرف الأعوام ، جعل في اختلاف الليل والنهار عبرا ، وفي تعاقب الفصول والشهور عظة ومدّكرا ، أحمده سبحانه بما هو له أهل من الحمد والشكر وأثني عليه ، إياه نستعين وبه نؤمن ، وعليه نتوكل وبقدرته نوقن ، من يهده المولى فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وعد المؤمنين بالحسنى والمزيد ، ويعطي بقدر الهمة ويزيد ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أتى الانسانية بالشرع الأكمل ، وقاد البشرية نحو الأفضل ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على دربهم إلى يوم الدين...

عباد الله،،، لقد ابتدأ أبناؤنا وبناتنا رسميا فصلاً دراسيًا جديدًا، نسأل الله أن يأخذ بنواصيهم لما فيه الخير والصلاح، وأن يسدِّد خطاهم ويوفِّقهم لكلّ نجاح وفلاح، وأن يجعل أعمالَ جميع القائمين عليهم فيما يقرّب إلى الله ويعين على كلّ خير، وفي ميزان حسناتهم، إنّه على كلّ شيء قدير.
ها نحن نطوي أيها الأحبة صفحة فصل مضى وانتهى من عمرنا ... فأوّل ما نبتدئ به هو تعزية من ذهب عنه فصلُ الصّيف دون أن يغْنَم منه شيئا من الأعمال الصّالحة الباقية .. سار فيه سيرة الغافل والأعمى ، ونشد فيه هوى وشهوة ، فضيّعه كاملا دون أن ينتفع منه ، ودون أن ينفع به، وسيُسأل عنه يوم القيامة؛ فإنه لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيما أبلاه... فنقول له أعظم الله أجرك في مصيبتك ، وأعظم الله أجر الأمة في مصيبتك ...
وفي نفس الموقف نهنّئُ من اغتنمَ أطولَ أيّام السنة فيما يرضي المولى من علم نّافع وعمل صّالح .. من التفقّه في الدّين، وحفظ القرآن الكريم، وبر الوالين وصلة الأرحام ، وفي الدّعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر، وغير ذلك من الأعمال الصّالحة...
لقد التحق أبناؤنا بمدارسهم وأقسامهم فرحين سعداء مستبشرين ، فكانت فرحة لنا بفرحتهم والتحاقهم ، ليتعلموا ما ينفعهم في دنياهم من القراءة والكتابة والحساب وغيرها من العلوم ، وهذا أمر بالغ الأهمية ... لكن الأهم منه أيها الأحبة هو أن يتعلموا عقيدتهم ودينهم وأخلاقهم وهذا ما ينبغي الإهتمام به أولا والإعتناء به قبل كل علم...
جميل جدا أن يحث الأب ولده ويحضه فيقول له: ادرس جيدا... لا تتخلف... لا تكن كسولا ... لا تضيع ادواتك ... حافظ على نظافتك ... وغير ذلك . ولكن الجميل قبل هذا والأهم منه ان يقول له: لا تشرك بالله ... لا تعص الله ... اقم الصلاة ... وكن متأدبا مع معلمك مع زملائك مع الأكبر منك .... وغير ذلك.
فما أروع ذلك الأب وتلك الأم اللذان جعلا في وصيتهما لولدهما قول لقمان لابنه:{يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13] ؟ {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان:17-19] ؟
فهما المسئولان عن تعليم أولادهما، وإنّهما مسئولان عن عقيدتهم قبل ذلك، قال النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ )) [متفق عليه].
لقد كان سلفنا الصالح يحتسبون الأجر في النوم وفي الطعام فكيف لا نحتسبه نحن في طلب العلم وتعليم أولادنا ، فإننا ان أخلصنا نيّاتنا وأردنا الخير في طلب العلم من إعزاز للدين والأمة ونفع للأهل والمجتمع فإننا إن شاء الله من المحسنين المأجورين ، فلكل امرئ ما نوى كما أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم...
ولنحذر أن نكون ممن كانت هجرته لدنيا يصيبها، من منصب أو سمعة يكسبها، فهجرته إلى ما هاجر إليه...
واحذر أيها الأخ الكريم ويا أيها الولى الراشد أن تجعل الدراسة مانعة لك أو لولدك عن المسجد والصلاة وحفظ القرآن وغيرها من الطاعات والعبادات. بل الطاعة خير معين على التحصيل والنجاح في الدراسة بتجربة المجربين ...
وليستمر الآباء على مراقبة ومتابعة لأبنائهم ومعرفة احوالهم في المدرسة والسؤال عنهم ، وليعلموا أن دورهم الأساس يبدأ من إيصال أولادهم إلى باب المدرسة وليس ينتهي عنده ... فالحرص الحرص يرحمكم الله ويصلح بالكم ، فكلكم مسؤول عن رعيته...



ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واهدنا وإياهم لما فيه صلاحنا ورضاك ، واصلح لنا ذريتنا وارزقنا برهم

ربنا هيء لنا من أمورنا رشدا ، وأعنا على طاعتك وحسن عبادتك