مدرسة 12 اكتوبر الوطنية معلم من المعالم التي نجحت الثورة الصحراوية في تشييده ليكون اشعاع علمي ومعرفي لبناء اجيال متعلمة فكانت بحق محج المئات من التلاميذ الصحراويين من مختلف الولايات خلال سنين من الزمن للتتربى في حضنه الدافي اجيال بكاملها تعاقبت على مزاولة الدراسة بالمدرسة العتيدة ونهلت من معين المعرفة، وتشبعت من مبادئ الثورة وقيم الحرية والتضحية، على يد جيل شكل بحق خلية النحل المتكاملة الكل يؤدي دوره المنوط به وواجبهة الوطني خدمة للشعب وللقضية، فلا مجال للتفريط او التقصير فالمصلحة مشتركة والقانون يحكم الجميع.
هذه المدرسة وبالرغم من قدمها وقلة الاهتمام بها تبقى شامخة تخترق الاهمال وتتحدى الزمن وتابى ان تندثر في اصرار على انها لاتزال قادرة على مواصلة الطريق الذي اراده لها من شيدوها في ثمانيينات القرن الماضي كمدرسة تربوية تربي وتعلم الاجيال الصحراوية، بخلاف الكثير من “المعالم” التي شيدت بسواعد رجال ونساء، استسلمت للتفريض والاهمال الذي اعترض الطريق.
فالثورة التي شيدت المدارس والمستشفيات بسواعد ابنائها وبناتها وفي احلك الظروف واشدها ندرة في الوسائل والامكانيات عاجزة اليوم عن الحفاظ على تلك المكتسبات وترقيتها بوسائل اليوم، ما تبينه تلك المباني المهترئة التي اصبحت تشكوا الاهمال وتهددها عوامل الزمن.
وفي جولة سريعة على المرافق العامة من اقسام وقطاعات الايواء والمرافق الادارية والصحية لم يتغير الكثير في المدرسة، وما يحز في النفس ان تمر على بعض الاقسام والغرف التي اوصدت ابوابها ونوافذها بالطين، بعدما خرجت حيز الخدمة، وقد كانت الى وقت قريب تؤي اطفال صحراويين وتنتشلهم من الفراغ القاتل لتجعل منهم اشخاص منتجين في مجتمع يحتاج كل ابنائه.
فقدت المدرسة الكثير من بريقها وهي تخفي اسباب الضعف بين حيطانها المتهالكة وما لحقها من دمار خلال سنوات الضعف الاخيرة والرغبة في الانفتاح على التدريس في الخارج وتراجع دورها المحوري ومرجعيتها في التدريس المتوسط والثانوي بسبب الحالة اللامستقرة التي مرت بها المدرسة وتنوع التجارب التي شهدتها لمختلف مراحل التعليم من ابتدائي ومتوسط وثانوي افقدها طابع الاسترارية وفوت عليها فرصة التطور.
مع ضعف الاستراتيجية في الرهان على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التعليم والتربية الذي يشهد تراجعا في التحصيل والافتقار لمؤسسات قادرة على استعاب العدد المتزايد للتلاميذ خاصة بعدما اعلنت وزارة التعليم عن 600 تلميذ مهددين بالاحالة على الحياة العملية، وغياب بدائل لادماجهم في مدارس محلية ووطنية.
بالرغم من تخرج الكفاءات العلمية سنويا والطاقات الحية المختصة في كافة المجالات المعرفية، دون اثر لها في واقع المنظومىة التعليمية التي لاتزال تعتمد بشكل اساسي على التعاون الخارجي، وإفاد الطلبة والتلاميذ الصحراويين للمدارس الاجنبية، ما يبرز حجم الضعف والاخفاق وضعف التصور وانعدام الاستراتيجية في رسم معالم مستقبل يكفل للصحراويين تمدرس ابنائهم بالقرب منهم وعلى يد كفاءات صحراوية موجودة تنتظر اتاحة الفرصة لها من قبل القائمين على الشأن العام.
بالرغم من الاهمال الذي طال المدرسة مؤخرا إلا انها توفر مقاعد دراسية لقرابة 200 تلميذ وتلميذة في المرحلة المتوسطة، ومناصب عمل لاساتذة ومسيري المدرسة التربوية.
كما تضم المدرسة ايضا مراكز للتكوين المهني في بعض التخصصات، ومدرسة وطنية للادراة، لكنها منشاءات اصبحت في المجمل في حكم المنتهية الصلاحية.
توجد صعوبات مسلم بها واكراهات لابد من الاعتراف بها لكن من غير المعقول انه بعد قرابة الاربعين سنة من الجهود في خدمة القطاع التعليمي، نقف اليوم على حصائل مخيبة للامال في التحصيل الدراسي ونسب التسرب المدرسي وعزوف الاساتذة عن المهنة الشريفة والاعتماد على المناهج الدراسية الاجنبية، وتدريس اطفالنا في الخارج في المرحلة المتوسطة والثانوية؟
ما يسترعي الانتباه وبذل المزيد من الاهتمام والعناية ووضع استراتيجية في تقريب التعليم من المواطن وخلق البدائل للتعليم بالخارج من خلال بناء مدارس للتعليم المتوسط والثانوي في كافة الولايات وفق استراتيجية تراتبية بعيدة عن الارتجال والقفز الى الحلقة الاعلى وتجاهل الضعف الحاصل في ترتيب سلم التعليم والتربية، بوضع خطط علاجية للضعف الحاصل في المنظومة التربوية من قبل المسئولين عن القطاع واشراك السلطة السياسية التي تمتلك ارادة الدفع بالموضوع ووضعه في سلم اولوياتها لبناء جيل قادر على حمل مشعل الحرية وانارة الطريق امام اجيال المستقبل والحفاظ على المكتسبات.
المصدر : الاماب نيوز