"التعليم عن بعد" ... تجربة صحراوية واعدة

*"التعليم عن بعد" ... تجربة صحراوية واعدة*

نعيش اليوم في عالم دائم التغير مليء بالإمكانيات الجديدة، حيث تتوفر القدرة على تعلم معلومات جديدة أو مهارات حديثة وقت ما تشاء وأينما تريد وهو ما يشكل فرصاً تعليمية أكبر بكثير من أي وقت مضى، ونظراً للتطور الهائل الذي نشهده في مجال التكنولوجيا، فإن التلميذ أمام طرائق مبتكرة لإثراء وتسهيل العملية التعليمية، أحد أهم هذه الاستراتيجيات الحديثة هي إستراتيجية "التعليم عن بعد" التي بدأ استخدامها في المؤسسات التربوية العالمية في القرن التاسع عشر وكانت تُعرف بالتعليم بالمراسلة آنذاك، أما الآن فتقوم هذه الإستراتيجية على استخدام الوسائل الإلكترونية لإبقاء التلاميذ على اتصال مع المعلمين والوصول إلى المواد التعليمية، اليوم أصبحت هذه الإستراتيجية واقعٌ حالي يخلق فرصاً وتحديات للمؤسسات التعليمية، واقع يقدم لتلاميذ خيارات موسعة في أين ومتى وكيف يتعلمون، واقع يجعل التعليم في متناول أعداد متزايدة من التلاميذ وأولياء التلاميذ ، فأصبح "التعليم عن بعد" مسانداً للعملية التعليمية في المؤسسات التربوية بسبب مرونته وتوافره للمتعلمين والمعلمين في أي وقت، بغض النظر عن الموقع الجغرافي.

وفي هذا الوقت العصيب وغير المسبوق من انتشار فيروس كورونا حول العالم وإغلاق المدارس وفقاً للتدابير الوقائية والاحتياطية للسيطرة عليه، ما أجبر التلاميذ على البقاء في المنازل،  تحتضن الدولة الصحراوية تجربة "التعليم عن بعد" حيث أعلنت وزارة التربية والتعليم والتكوين المهني عن تفعيل منظومة "التعليم عن بعد" من خلال بث المواد التعليمية تلفزيونياً في التلفزيون الوطنية الصحراوي Rasd tv و بادر اتحاد عمال التعليم والتربية والتكوين الصحراويين على تفعيل هذه الإستراتجية وتوفير المحتوى التعليمي الكترونياً للتلاميذ والمعلمين أيضاً من خلال منتديات الساقية الحمراء التعليمية ،

حيث شرح وزير التعليم والتربية والتكوين المهني خلال الأيام الماضية إلى أن آلية "التعليم عن بعد" يجب أن تُطبق وفق أفضل المعايير وأكد على أهمية مواصلة العمل على تطويرها وتقييمها لضمان استمرارية العملية التعليمية في ظل هذه الظروف الحالية.

في هذه المرحلة، أصبحت استمرارية التعليم أكثر تحدياً للتلاميذ والمعلمين والمؤسسات التربوية، أعني أن لا أحد يعرف حقاً ما سيحدث غداً، وكيف ستكون الأمور في الأسبوع القادم أو الأسبوع الذي يليه، هذه تجربة نحاول جميعاً التكّيف معها، علينا فقط تكريس الكثير من الجهود لتعزيز أساليب العمل والتواصل بين التلاميذ والمعلمين بهدف استمرارية العملية التعليمية.

وكغيرها من استراتيجيات التعليم، يأتي "التعليم عن بعد" مع مجموعة من الإيجابيات والسلبيات في ظل ظروفنا الخاصة في المخيمات والمناطق المحررة من الدولة الصحراوية ، ولكن الظروف لا يمكن ان تثنينا عن العمل من اجل انجاحها أضف إلى ذلك بالطبع أنه لا يمكننا توقع نتائج مثالية من هذه التجربة نظراً للسرعة الفائقة التي اضطرت فيها الدولة إلى الانتقال إلى هذه الإستراتيجية للحفاظ على استمرارية تعليم التلاميذ باعتباره أولوية قصوى في خضم تفشي الفيروس الذي شلّ المنطقة والعالم اجمع، دون أن يكون هناك أي تحضير أو تدريب مُسبق سواء أكان للإدارة المدرسية، او المعلمين، او أولياء الأمور أو للتلاميذ على وجه التحديد، مع العلم ان الظروف في المخيمات او في المناطق المحررة من حيث عدم اجود تلفزيون او عدم قدرت بثها على مستوى الداخلي وهذا ناتج لعدم اجودها في احد القمار الاصطناعية المتوفرة لدينا ونعرف جيدا مشكل ولاية العيون من حيث نقص الكهرباء ولكن نحن اليوم مجبرين على محاربة التحديات

ولكن ايضا هناك عمل متميز من حيث ان البرنامج وكشكل ومضمون و تجربة صحراوية سوف تنطلق على شاشة التلفزة الوطنية او على اليوتيوب وهذا بحد ذاته انجاز كبير من حيث نشر الحصصة التربوية بإعداد كوادر تربوية صحراوية وتغعيل الاعلام التربوية كمنصة تربوية اعلامية كما انه يجب ان لا ننسا ان اعداد حصص عن التاريخ والجغرفيا الصحراوية هم اهم شي من حيث نشر القضية الوطنية الصحراوية على مستوى العالم ولهذا يجيب علينا استدراك اهمية البرنامج بحد ذاته

وعليه تتعامل وزارة التربية والتعليم والتكوين المهني مع هذا التحدي غير المتوقع والمتمثل في تفعيل "التعليم عن بعد" كاول تجربة صحراوية بقدرات معلمين ومعلمات صحراويين باعتباره وسيلة التعليم الأساسية لأسابيع وربما أكثر، واجبنا كمؤسسات تعليمية، معلمين، أولياء أمور وتلاميذ، أن نكافح معاً وأن نحاول أن نتجاوز التحديات المتأصلة في "التعليم عن بعد" في هذه المرحلة الصعبة، جميعنا ندرك أن التحديات كبيرة وأن الأمر لن يكون بهذه السهولة لكن هذا وقت استثنائي ونحن بحاجة أن نتكاتف الجهود معاً وأن نركز على أهمية التشاركية في هذه المرحلة على الرغم من نقص مصادر التعليم المتكاملة، علينا أن لا ندع سعينا في الوصول إلى الكمال يعيق مسيرتنا، وعلينا أن نقوم بأفضل ما في وسعنا لمساعدة أبنائنا على مواصلة عملية التعليم رغم هذه الأزمة، وعلينا جميعاً التعاون بما يضمن عدم توقف العملية التعليمية،

ونرفع الدعاء اليوم جميعاً إلى السماء ضارعين إلى الله عزا وجل أن يحفظ الشعب الصحراوي والعالم أجمع من هذا الوباء.  

*بقلم: الاستاذ غالي احمد*